بعد وصولنا إلى نهاية الصوم الكبير ودخولنا بإسبوع الآلام الرب يسوع يحتل هذا الأسبوع مكانة خاصة في قلوب ابناء الكنيسة ؛ إذ يُعتبر مناسبة فريدة من نوعها وأحد أهم وأقدس الأسابيع في السنة.
اسبوع الآلام.
يُكرَّس هذا الأسبوع بالكامل للصلاة والتعبد والقراءات الكنسية ، حيث يتوجه جميع المسيحيين ، يومياً إلى الكنيسة.
خلال أسبوع الآلام ، نحتفل بقراءات دينية تسلط الضوء على “ رحمة ربنا على البشرية ” و” آلام الرب يسوع المسيح ”.
تُزين الكنائس بالأغطية السوداء وتُغطي الأيقونات وبعض الجدران والأعمدة تعبيراً عن حالة الحزن والمشاركة في الآلام.
تعالوا نتأمل بالآلام الرب يسوع ، في يوم الإثنين من أسبوع الآلام نرافقهُ على درب آلامه ونشترك معه في فرح قيامته ومجده.
والكنيسة تهيّئنا كي ندخل في هذا الأسبوع بالتقوى الضرورية ، بالتأمّل بأسرارنا الإيمانية ، وتجديد ثقتنا بالرب يسوع الذي تألّم ومات ، ولكنّه قام من بين الأموات ، وهو يرافقنا ، لأنّه وعدنا أن يكون معنا حتّى انقضاء الدهر".
إنّ الإيمان مهمٌّ جداً في حياة المسيحي ، وبشكلٍ خاص في هذه الأيّام التي نمرّ فيها بكوارث وأزماتٍ وصعوباتٍ وتحدّياتٍ لم يكن الجيل السابق قد عرفها ، حافظوا "على الإيمان الذي هو عطيّةٌ من الله ، وهو ما وصلنا من آبائنا وأجدادنا الذين سبقوا وعانوا الكثير في هذه المنطقة ، منطقة الشرق الأوسط ، إن كان في لبنان ، أو في البلدان الأخرى المجاورة ".
فنحن المؤمنين نجدّد " فعل إيماننا ليس فقط حين نجدّد مواعيد المعمودية ، وليس فقط عندما نتلو قانون إيماننا ، لكنّ هذا الإيمان يدخل في أعماقنا ويطلب منّا جواباً حقيقياً ، بمعنى أن نقول دائماً للرب : زدني إيماناً يا ربّ ، فإنّ الحياة التي نعيشها ليست سهلةً لولا نعمة الرب"، " في العهد القديم ابراهيم ترك كلّ شيء وأخذ عائلته وتبع صوت الرب ، فهو إذن رمزٌ للإيمان في العهد القديم ، قبل المسيح بألفي سنة.
"فالإيمان يطلب منّا الأفعال" ، مَثَلاً على ذلك تعالوا نتأمل بالإبنَين اللذين طلب منهما والدهما أن يذهبا للعمل في كرمه : الإبن الأول أجاب والده بأنّه لا يُريد الذهاب ، ثمّ رجع إلى نفسه وندم وذهب وعمل ، - أمّا الابن الثاني فأجاب والده بالقبول ، ولكنّه لم يذهب"، أولادي الآحباء : "في الإيمان لا تكفي الأقوال ولا العواطف ولا الكلمات التي نردّدها ونفتخر بها ، الإيمان يتطلّب منّا أن نسلّم حياتنا للرب ، ونقوم بالأعمال التي يطلبها منّا الله ، والتي هي أعمال المحبّة والتسامح والغفران.
لا تكفي الكلمات : أنا أحبّ وأسامح وأغفر ، بينما للأسف نجد العلاقات المتأزّمة حتّى بين أعضاء العائلة الواحدة ".
والكهنة في هذه الأيّام الذين يخدمونكم ، يتفانون في خدمتكم ، ويسعون كي تستطيعوا أن تعيشوا إيمانكم بكلّ أبعاده ، لكن ليس أحدٌ منّا كاملاً ، فيجب علينا أن نفهم بعضنا ، ونحاول أن نكتشف الصلاح الذي في الآخرين ، قبل أن نكتشف ونردّد ونصمّم ونركّز على الأمور السلبية ، وهذا الأمر قاله يسوع ، أي أن نُخرِج الخشبة التي في عيننا قبل أن نفكّر بإخراج القذى التي في عين الآخر "، وإنيّ أؤكد "جميعنا نحتاج إلى مغفرة الله ، ويجب علينا أن نعيش هذه المغفرة مع بعضنا البعض ، فنحاول تجاوُز آرائنا وأفكارنا البشرية ، وأحياناً قناعاتنا ، كي نجمع ولا نفرّق ، ونحبّ ولا نزيد الفتنة فيما بيننا ، وكي نكون شهوداً في العالم الذي نعيش فيه ونحن أقلّية شئنا أم أبَينا " ، وأذكرّكم أنّه " في سفر أعمال الرسل كان التلاميذ المسيحيون الأوَّلون يُعرَفون بمحبّتهم بعضهم لبعض ، ونحن عندما نعيش المحبّة سيعرف الناس أنّنا مسيحيون".
"الرب يسوع ، بشفاعة والدته العذراء مريم ويفيض على أبنائنا كلّ النعم، ويجعلنا أهلاً أن نُدعى تلاميذ الرب يسوع"، آمــــــــــــين.