أسبوع الآلام : تأمّل في الصّلوات الّتي نقيمها في هذا الأسبوع تدعونا الكنيسة إلى أن نرافق الرّبّ يسوع على درب الآلام والصّلب من خلال القراءات الإنجيليّة الّتي تتلوها علينا ومن خلال الصّلوات الّتي تضعها بين أيدينا بحيث لا تكون هذه الآلام مجرّد ذكرى تاريخيّة ننظر إليها من الخارج كمتفرّجين ، بل تكون حدثاً يجري الآن وهنا أمام أعيننا فنعيشه بقلبنا وفكرنا وتتفاعل معه ، لأنّ الكنيسة تعتبر أنّ آلام الربّ يسوع المسيح وموته هي عابرة للزّمان والمكان ، وما زالت مفاعيلها الخلاصيّة حاصلة اليوم وفي كلّ يوم في سرّ القربان المقدّس الّذي أسّسه الرّبّ يسوع في يوم خميس الأسرار رابطاً بين الصّليب والقيامة : " إنّكم كلّما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرّبّ إلى أن يجيء".
الموضوع الأساسيّ الّذي يشكّل لحمة هذا الأسبوع لاسيّما في الأيّام الثّلاثة الأولى هو السّهر لملاقاة الرب يسوع.
الكنيسة تدعونا أن نكون ساهرين، " هوذا العريس يأتي في نصف اللّيل فطوبى للعبد الّذي يجده ساهراً ، أمّا الّذي يجده غافلاً فإنّه غير مستحقّ فاحذري يا نفسي تستغرقي في النّوم فيلقى بك خارج الملكوت ، بل كوني مستيقظة ساهرة ".
تطلب منّا الكنيسة أن نكون ساهرين ومرافقين للربّ يسوع المسيح وتقول لنا كيف.
فالكنيسة تدعونّا إلى أن نسهر على حياتنا فلا نكون عقيمين بلا ثمر بل أن نعمل أعمالًا صالحة ، وتعرض علينا أيضًا مثل يوسف الصّدّيق ابن يعقوب داعية إيَّانا إلى أن نسهر على ذواتنا مثلما سهر على نفسه من الوقوع في الخطيئة.
مستعدّين لمجيء الرّبّ يسوع والدّخول معه إلى الملكوت.
تدعونا الكنيسة إلى السّهر الّذي إليه هو على الأخصّ سهر القلب ، سهر الحبيب المشتاق لرؤية حبيبه والصّديق التّائق لمشاهدة صديقه ؛ إنّه سهر المتألمّ لملاقاة الطّبيب الشّافي وسهر الخاطئ لملاقاة المخلّص.
إنّه ترقّب البشريّة كلّها لمجيء يسوع المسيح كما يقول مار بولس الرّسول إنّه انتظار الشّيخ سمعان لملاقاة يسوع المخلّص ، إنّه شوق المخلّع لملاقاة يسوع ، إنّه حنين الابن الشّاطر إلى الرّجوع إلى البيت الأبويّ كما علم يسوع ؛ إنّه انتظار الرّقباء للصّبح والحرّاس للفجر كما يترنّم صاحب المزامير ( مزمور ۱۲۹ ).
سهر القلب هذا قوامُه المحبّة والفرح إذ إنّه مبنيّ على العلاقة الجديدة الّتي أنشأها الربّ يسوع المسيح بين الله والإنسان علاقة الصّداقة والمحبّة : "لا أدعوكم بعد عبيدًا... بل أدعوكم أحبّائي" (يوحنّا ١٥ / ١٥ ).
ومبنيٌّ سهر القلب أيضًا على قول يسوع للرّسل : " سأعود فأراكم فتفرح قلوبكم" ( يوحنّا ١٦/ ۲۲ ).
وقد كان سهر القلب ولا يزال ركناً من أركان الحياة الرّوحيّة والنّسكيّة والرّهبانيّة في المسيحيّة ، ويتجلّى أكثر ما يتجلّى في الصّلاة "اسهروا وصلّوا" ، ( لوقا ۲۱/ ٣٦ ).
وفي الرّسالة إلى أهل تسالونيكي ينتهي بولس بالقول : " كونوا فرحين على الدّوام... وصلّوا بلا انقطاع " ( ١ تسالونيكي ٥/ ١٦- ١٧ ) . آمــــــــــــين.