الصوم الكبير زمن التغيير تأنّس ابن الله ، يسوع المسيح ، “ليجعل كلّ شيء جديداً ” ، فيرمِّم صورة الله في الإنسان التي شوَّهها بخطيئته وشرِّه ، ويعطيه القوّة ، بكلمته ونعمته ، لينتصر على التجارب والغرائز والأميال المنحرفة.
وصام قبلنا في البرِّية أربعين يوماً ، قضاها في التقشف والصلاة وعلَّمنا الإنتصار على تجارب الشرير بالعودة الدائمة إلى كلام الله والعيش بسلام داخلي عميق.
وهكذا استعدّ لبدء رسالة خلاص العالم وفدائه وأعلن : “روح الرب عليَّ مسحني وأرسلني”.
الصوم الكبير هو زمن التغيير في اتجاهات ثلاثة : التغيير في العلاقة مع الله بالصلاة والتوبة من أجل استعادة بهاء البنوّة الإلهية ؛ والتغيير في العلاقة مع الذات بالصوم والإماتة بهدف التحرُّر من كلِّ ما يعيب هذه البنوّة وصورة الله فينا ، ومن أجل تدريب الإرادة على كبح الأميال والغرائز المنحرفة ، والسيطرة على الذات ؛ والتغيير في العلاقة مع كلِّ إنسان ، ولاسيّما مع ذوي الحاجة ، بأعمال المحبة والرحمة والتصدُّق ، بُغية ترميم الأخوّة الشاملة.
يتزامن الصوم الكبير في قسم منه مع ربيع الطبيعة التي تتغيّر بلباس ثوب جديد استعداداً لموسم العطاء.
فكم يجدر بالإنسان أن يكون شبيهاً بالطبيعة.
فلا بدّ من أن ننزع منا أنماط الحياة العتيقة بالتقشف والتوبة ، كما فعلت الطبيعة في فصل الشتاء ، وأن نلبس ثوب الحياة الجديدة على مستوى التفكير والرؤية ، والأفعال والمسلك.
فها يوحنا المعمدان ينادي : “توبوا وآمنوا بالإنجيل ” ، ومار بولس الرسول : “ لا تتشبّهوا بهذا العالم ، بل تغيّروا بتجديد أفكاركم ، مميِّزين أين هي مشيئة الله الصالحة والمقبولة والكاملة ”.
فالمسيح ، ابن الله ، كفّر عن خطايا جميع الناس وشرورهم بآلامه وموته ، وهو بريءٌ من كلّ خطيئة شخصيّة ، بل ما صنع إلّا الخير لجميع الناس ، آمــــــــــــين.