إنّنا في هذا الوقت نتفرّغ أكثر لأمور الرّوح التي طالما شغلتنا عنها شواغل الدّنيا.
ثمّ نتّجه إلى الله لنتّحد به أكثر بواسطة الصّلاة.
فالكنيسة تتوجّه إلى كلّ مسيحيّ في مستهلّ هذا الصّوم لتضعه أمام واجبه وتقول :
“هوذا اليوم وقتٌ يعملُ به الرّبّ ، هوذا الآن يوم خلاص”.
فانظر كيف تتدبّر أمر نفسك لإتمام قسطك من الصّوم بالطّريقة التي تناسبك ، سواء بالإمساك عن الطعام كليًّا أم جزئيًّا أم بحرمان ذاتك من بعض كماليّات الحياة.
المهمّ ألّا تتوانى في تتميم الغاية الأساسيّة التي وضعت لأجلها الشّريعة ، شريعة الصّوم وهي التّوبة الحقيقيّة والاتّحاد باللّه بواسطة الصّلاة وممارسة الأسرار المقدّسة ، وخدمة القريب على مختلف أنواعها.
يقول القدّيس يوحنّا فمّ الذّهب :
”الصّوم علاج ، هو ككلّ علاج مفيد جدًّا لمن يعرف أن يستعمله.
فالصّوم ليس في الامتناع عن الطّعام ، بل التّوقّف عن أعمال الخطيئة.
أتصوم ؟ إذن قدّم لي برهان ذلك بأعمالك : إن رأيت فقيرًا تحنّن عليه.
إن كان لك شخص مُتخاصم تصالح معه.
إن شاهدت صديقاً يزداد كرامة لا تحسده.
لتصم يداك بالتّرفّع عن السّرقة والبخل ، لتصم عيناك ، لتصم أذناك بالامتناع عن سماع أقوال الشّرّ والنّميمة والافتراء ، ليصم فمك عن كلام السّخرية والشّتيمة.“
من واجب الإنسان المسيحيّ أن يعيش هذه الشّريعة الحيّة ( شريعة الرّوح والقلب ) ، مستلهماً ضميره ومستنيراً بالرّوح القدس السّاكن فينا متّخذين لحياتنا أصغر الأمور وأدقّها سلماً ، للتّنقية والترّقي والتّجدّد ، لبلوغ قامة المسيح.
يُعفى من الصّوم والقطاعة على وجه عام المرضى والعجزة الذين يفرض عليهم واقعهم الصّحّيّ تناول الطّعام ليتقووا وخصوصاً أولئك الذين يتناولون الأدوية المرتبطة بأمراضهم المزمنة والذين هم في أوضاع صحيَّةٍ خاصَّةٍ ودقيقة ، بالإضافة إلى المرضى الذين يَخضَعُون للاستشفاء المؤقّت أو الدّوريّ.
ومعلوم أنَّ الأولاد يبدئون الصّوم في السّنة التي تلي قربانتهم الاحتفاليّة ، مع اعتبار أوضاعهم في أيّام الدراسة. آمــــــــــــين.