"قام المسيح ، حقاً قام " هي البُشرى العظيمة في المسيحيّة ! ، لأنَّها تأكيد لقيامتنا معه ! وأجمل هتاف ونشيد تصدح به حناجرُنا بأكثر ما يكون من الحماسة والاندفاع وبأعلى أصواتنا ، هو نشيد القيامة المجيدة : " المسيح قام من بين الأموات ، ووطئ الموت بالموت ، ووهب الحياة للذين في القبور ".
مار بولس الرَسول هو المُبشِّر الأعظم بقيامة المسيح.
إنَّه حقًّا رسول القيامة ! ويؤكِّد لنا أنَّنا لسنا فقط نحتفل بقيامة يسوع المسيح ، بل نحن قمنا مع المسيح ، إنَّنا نحتفل بقيامتنا نحن أيضاً.
ولذا يُحرِّضنا مار بولس الرَّسول قائلاً : " لقد قمتُم مع المسيح ؟ طلبوا إذن ما هو فوق ، حيث المسيح يُقيم جالساً عن يمين الآب السماوي الـقـُدُّوس.
إهتمُّوا لما هو فوق ، لا لما هو على الأرض ، لأنَّكم قد مُتُّم (للعالم) وحياتكم مخفيّة مع المسيح في الله.
- ومتى ظهر المسيح الذي هو حياتنا ، فحينئذٍ تظهرون أنتم أيضاً معه في المجد ".
- القيامة هي موضوع لا صليب بلا قيامة ! ولا قيامة بلا صليب !.
هذا ليس مُجرَّد "طقس ليتورجي"، وعبقريّة ليتورجيّة. بل هذا هو التَّعبير الأسمى لواقع حياة الإنسان.
ونقول للإنسان ، لكُلّ إنسان : إكتشِفْ في كُلِّ صليب بذورَ بدء القيامة ، كما تكتشف في كُلِّ ظُلمةِ ليلٍ مطلعَ الفجر ! وفي عُمقِ ألمِكَ ، ثِقْ أنَّ القيامة لَكَ ولصليبِكَ.
والمسيحي ليس فقط يؤمن بقيامة الربّ يسوع المسيح ويفتخر بها ، ويُدافع عن حقيقتها ، بل هو إنسان يؤمن أن يكون بدوره ؟ ، عاملاً في سبيل قيامة الآخر ، وأسرته ، وأترابه ، ومواطنيه ، والمجتمع عموماً... بحيث يُحقِّق قول الربّ يسوع المسيح : " إنَّما أتيتُ لكي تكون لهم الحياة وتكون لهم أوفر" ( يوحنّا ١٠/١٠ ).
لا بل عقيدة القيامة وإيماننا بها ، يعني العمل اليومي في سبيل القيامة اليوميّة ، في الحياة اليوميّة ، ومن خلال حياتنا اليوميّة.
ولذا لُقِّبَ المسيحيُّون الأوَّلون وبخاصَّةٍ في بلاد إنطاكيّا وسائر المشرق ، لُقِّبوا بكونهم "أبناء القيامة".
فأصبحت القيامة نَسَبَهُم وأسرَتِهم المسيحيّة ، وجزءً لا يتجزَّأ من شخصيَّتهم وهويَّتِهِم !.
فالقيامة تبدأ مع المسيح.
وتبدأ هنا في حياتنا الأرضيّة ، ولكنَّها تتحقَّق نهائيّاً بكمالها في السَّماء.
- فالقيامة ليست فقط أساس إيماننا وهي في أساس معتقداتنا المسيحيّة ، بل هي أساس خلقيَّتنا ، والتزامنا في الكنيسة ، وفي المجتمع ، بحيث نكون صانعي قيامة ، وخدَّامَ الحياة.
- يتساءل مار بولس الرَسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس : "ولكن يقول قائل : كيف يقوم الأموات ؟" ، ( ١ كورنثوس ١٥ / ٣٥ ).
لقد حاولنا أن نشرح هذا التَّساؤل من خلال تعليم مار بولس الرَسول.
ونُحبّ أن نُجيب على هذا التَّساؤل الذي يدور في رأس وفكر الجميع وليس فقط في رأس البعض. آمــــــــــــين.