HTML مخصص
05 Apr
05Apr

زمن الصوم الكبير ، يُعلِّمنا كيفية الصلاة على مِثال المُعلِّم الإلهي  كيف كان دومّاً  مُستعِّداً لرسالته بصلاة الفجر وخاصةً في مكان قفر. 

أوّل ما يستوقنا السّؤال : هل يسوع ، وهو الله ، بحاجة إلى صلاة ؟ للإجابة ، يجب أن نفهم المعنى العميق لكلمة "صلاة". 


يعتقد الكثيرون أنّ الصّلاة هي كلام نقوله لله ، نطلب من خلاله أمورًا كثيرة ، نطلب النّعم والشّفاء والتّوفيق والمغفرة ، وسواها.

ولذلك نعتبر أنّ الصّلاة ، أيّ الطّلب ، لا تناسب يسوع الإله. 


ولكن بالحقيقة الصّلاة كلمة مشتقّة من كلمة أخرى هي "الصّلة" ، أيّ العلاقة.

نفهم  أنّ الصّلاة الحقيقيّة ليست مجرّد كلام وطلبات أو أيّ شيء آخر.

بل هي "صلة" ابن بأبيه ،  وشعور عميق بالحضور أمام الحبّ الأعظمّ.

وهو حضور  يملأ كياننا بالنّور والسّلام والغبطة.

لذلك يسوع  هو في"صلاة" دائمة مع ة الآب السماوي  القدوس.

يعلّمنا  الآباء  القدّيسون  أنّنا مدعوّون إلى تحويل "حياتنا كلّها إلى صلاة" ، مدركين أن الله يرافق كلّ واحد وواحدة منّا في كلّ أوضاع حياته.

إنّه الملهم والمنير والهدف الأسمى الّذي أسعى إلى لقائه من خلال كلّ عمل صالح أقوم به ، حتّى تصبح "حياتي هي المسيح".


هذا هو هدف الصّوم  الأساسيّ ،  أن يصبح المسيح كلاًّ للكلّ في حياتنا الشّخصيّة : فهو أهمّ من الأكل والشّرب وأهم من الملذّات والأفراح الدّنيويّة.

ولقائي به في اللّيتورجيا  والصّلاة والرّياضات الرّوحيّة  ألذّ من أيّ شيء  آخر.

ويكتمل صومي  إذا  ما حييت  نهاري  بكامله  في نور  ذلك  الحضور  الّذي  لا يُدرك.

غالباً  ما  يربط الكتاب  المقدّس  الصلّاة بخَلوَة  "المكان القفر". 

نتذكّر كيف التقى يعقوب الرّبّ ليلاً في " مخاضّة يبّوق "، ( تكوين  ٣٢ / ٢٢-٢٤ ) وإيليا كلّم الله في الصّحراء ، وموسى على رأس الجبل.

بل هذا هو أحد أهداف بقاء شعب الله المختار  ٤٠  سنة  في الصّحراء ،  حتّى يلاقي ربّه ويتعلّم منه طريق الحياة. 

فالصّحراء ضرورة للقاء الله.

أوّلاً لأنّ صوت الله خافت ، فهو يتكلّم "في النّسيم العليل"  ، ( ١ ملوك ١٩ ).

لذلك ، لا يمكننا سماعه طالما نحن في وسط ضجيج العالم. 

يسمّي الكتاب المقدّس الصّحراء باللّغة العبريّة "ميدبَر"  أيّ حيث لا كلام". 

هناك يتوقّف كلّ شيء عن الكلام.

فلا مغريات ولا ما يشتّت ذهنك. 

حتّى الإنسان نفسه يتوقّف عن الكلام بسبب العطش.

ويقول الكتاب المقدّس إنّ هذه الصّلاة الصّامتة ، حين يعرف الإنسان أنّ لا معين له ولا من يتّكل عليه ، عندها ينفتح قلبه كليّاً  على الله ويضع نفسه بين يديّ ربّه ، إذ لا خيار آخر أمامه. آمــــــــــــين.


/الخوري جان بيار الخوري/

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.